ثلاثية The Dark Knight الفارس الذي لا يهادن الشر.

www.ubuy_

منذ أكثر من عشرة أعوام، وتحديدا في عام 2008 خرجت التحفة الفنية The Dark knight للنور. في الوقت الذي كانت فيه أفلام الأبطال الخارقين تكتسح صدارة شباك التذاكر في السينمات حول العالم. فبعد سنوات قلائل من نجاح أفلام مثل X Men وسبايدر مان. اقتنعت هوليوود أن هناك جمهورا هائلا يعشق أفلام القصص المصورة. غير أن أفلام أخرى مثل Hulk وعودة سبايدر مان كانت بمثابة خيبات أمل كبيرة. وصحيح أن افتتاحها كان ضخما في دور العرض إلا أنها اختفت تدريجيا في وجه النقد المتفاوت.

بصمة نولان هي السر! The Dark Knight

لقد وجد نولان طريقه إلى أفلام باتمان بعد تمييز نفسه بأفلام جرائم درامية جديدة آنذاك، مثل Memento وInsomnia. فسلمت شركة وارنر بروس مفاتيح الشخصية إلى نولان، بعد سنوات من الفشل المالي لفيلم “باتمان وروبن” الذي صدر عام 1997. وحازت نسخة نولان لعام 2005 التي كانت تحت اسم “Batman begins” على استحسان الجمهور وحققت نجاحًا كبيرًا في شباك التذاكر. ولكن لم يبلغ أي شيء ما بلغه “The Dark Knight”. الذي حقق ما يقرب من ثلاثة أضعاف هذا الرقم في جميع أنحاء العالم. كان الفيلم محبوبًا إلى حد أن تجاهل جائزة الأوسكار لأفضل فيلم. أدى إلى غضب شعبي، مما دفع الأكاديمية إلى توسيع مجال ترشيحها إلى 10 أفلام في العام التالي.

خرج فيلم The Dark Knight بأبعاد أعمق وأثقل في جو من الجريمة والبسالة. حيث اقتبس نولان إشارات بصرية من الفيلم الأسطوري الملحمي Heat. وبدلا من إيلاء الأهمية لمدينة غوثام لدرجة أن رجل يرتدي زي وطواط يعمل بصفته المدافع عنها. حول نولان باتمان (قام بدوره كريستيان بيل) والجوكر (قام بدوره هيث ليدجر) إلى نماذج بدائية متنافرة لا تتناسب مع عالم رجال العصابات والشرطة حول العالم. ومثل وأعراض مجتمع استقطابي متزايد من الأبطال والأشرار.

عمق القصة

أفلام الأبطال الخارقون دائماً ما كانت ضعيفة البناء الدرامي، وذلك لأن صانعيها لا يهتمون إلا بعوامل الإبهار البصري. مما يحول النسخة النهائية من فيلمهم، إلا سلسلة مجموعة من مشاهد المعارك والمطاردات المفككة. التي يربط بينها بناء درامي هش وسطحي.. أما بالنسبة لثلاثية فارس الظلام ،فإنها أيضاً تقدم وجبة دسمة من التشويق والإبهار البصري، ولكن ذلك يأتي من خلال قصة مكتملة العناصر متماسكة البناء، فشخصية فارس الظلام أو باتمان هنا مجرد محرك للأحداث، التي تعرض نولان من خلالها للعديد من القضايا والجدليات الفلسفية، ولم يقع في فخ تحول الفيلم إلى مجرد مغامرة كرتونية سطحية، فإن كان اعتقادك أن أفلام الخارقين هي أفلام القصص الهزلية، فبعد مشاهدة فارس الظلام إما ستغير اعتقادك هذا، أو إنك لن تعده من أفلام الأبطال الخارقين.

ليس بطل خارق

The Dark Knight

حين قام بوب كين وبيل فينجر بابتكار شخصية باتمان في 1939م. أرادوا لها أن تكون مغايرة للبطل الأشهر آنذاك سوبر مان. ولهذا جعلوا بطلهم مجرد إنسان طبيعي، لا يمتلك أية قوى خارقة، فهو لا يطير مثل سوبر مان أو يطلق الخيوط مثل الرجل العنكبوت وغيره.. لكن مخرجي السينما لم يقتنعا بوجهة نظرهم هذه، وحين نقلوا باتمان إلى الشاشة الفضية حول إلى بطل خارق رغم أنف صانعيه، فنراه صلباً قوياً يمكنه القضاء بيداه العاريتان على جيش كامل، وحين قدم نولان ثلاثيته فارس الظلام.

أول ما قام به هو إعادة باتمان إلى الشاكلة التي أراده عليها صانعيه، فقام بتجريده من كافة خواصه الخارقة، وجعل منه مجرد مقاتل بشري يحارب الجريمة ليلاً في رداء وطواط، بل أن أعداء باتمان في فارس الظلام لم يظهروا كخارقين للطبيعة، إنما قوتهم تعتمد على الأدوات التي يستخدموها، وشرهم يتجسد في الخطط التدميرية التي ينون تنفيذها على أرض جوثام، وهذا كله جعل الأفلام الثالثة لـ فارس الظلام أكثر واقعية، فسهل على المتلقي التقرب منها والتفاعل معها.

البعد الإنساني

الفيلم رغم أن ملصقه الدعائي تتصدره صورة أحد أشهر الأبطال الخارقين، إلا أن قصته التي كتبها الأخوين نولان. اهتمت بإبراز الوجه الآخر لكافة الشخصيات، وإظهار خلفيتهم الإنسانية خلف الأقنعة وقبل أن يرتدوها، ففي ثلاثية فارس الظلام ستجد لأول مرة بطل خارق يبكي ويخاف. ويصل به الأمر لحد اعتزال الحياة الاجتماعية والانعزال عن الناس، بعدما فقد حبيبته على يد الجوكر بعدما فشل في إنقاذها. وفي الجزء الأول ،حرص المخرج على إفساح مساحة لرصد المراحل العمرية المختلفة للبطل، منذ طفولته التعيسة، وكيف طوع الغضب الكامن بداخله في خدمة مدينته، من خلال محاربته للجريمة إنقاذاً لمدينته وتكريماً لذكرى والديه، بل أن قوة بطلنا في فارس الظلام لم تأت من العدم كما هو الحال بأعمال أخرى، بل أن اهتم برصد بالمراحل المختلفة لتطور قدرات البطل، بدءاً من عجزه عن التحكم في غضبه وثورته، ومروراً بتنقله بين شتى بقاع كوكب الأرض فقط لدراسة عقلية الجريمة، وفي النهاية تلقيه العديد من التمرينات القتالية القاسية.

النجاح النقدي و الجماهيري The Dark Knight

كان النجاح الهائل للفيلم مع كل من النقاد والجماهير يعني أن كل فيلم أبطال خارقين مستقبلا تقريبًا يجب أن يكون أكثر من مجرد مشروع هامشي لأستوديوهات الإنتاج. حتى الجزء الأخير من الفيلم -The Dark Knight Rises- الذي أخرجه نولان مجددا (عندما تم إقناعه بالعودة إلى السلسلة بعد إنتاج Inception) لم يعلّق مع الجمهور بنفس الطريقة، حيث قام بتوسيع الأكشن إلى أبعاد كارثية وفقد الواقعية والنظرة الفلسفية التي جعلت من سابقه ينجح بهذه الطريقة.

ترك نولان منذ ذلك الحين مثل هذه السلاسل، لكنه واحد من المخرجين القلائل في هوليود الذين يمكنهم كتابة الشيك الخاص بهم بغض النظر عن مشروعه التالي (وتلك القائمة القصيرة تشمل أسماء مثل سبيلبرغ، وجيمس كاميرون، وكلينت إيستوود). وبالنسبة لكثير من المخرجين الشباب الآخرين. يبقى الحصول على فرصة لإخراج فيلم مأخوذ من القصص المصورة هو الهدف -مثلما فعل نولان في ثلاثية Dark Knight بعد تصوير فيلمه Memento الذي حقق نجاحًا باهتًا- لإثبات حسن نيتهم وإظهار قدراتهم الإخراجية.


المصادر 1. 2. 3

شارك المقال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *