أسطورة هيباتيا المخلدة… أول عالمة رياضيات في التاريخ

agiioo

هيباتيا هو اسم مؤنت مشتق من (هباتوس) في اللغة اليونانية وتعني العالية أو ذات المقام الرفيع. وأشهر من سميت بهذا الاسم هي “هيباتيا الإسكندرية” وهي فيلسوفة تخصصت في الفلسفة الأفلاطونية المحدثة. وتعد أول امرأة في التاريخ يلمع اسمها كعالمة رياضيات. كما لمعت في تدريس الفلسفة وعلم الفلك. لا توجد معلومات مؤكدة عن تاريخ ميلادها لكن بعض الدراسات الحديثة تشير إلى أنها ولدت عام 370م في الإسكندرية في مصر التي كانت تحت الحكم الروماني، فهي مصرية من أصل يوناني، أبوها “ثيون” عالم الرياضيات اليوناني الشهير وآخر أمناء مكتبة الإسكندرية الكبرى، وقد اعتنى بتعليم ابنته علومه المكتسبة من علمه ثم أرسلها وهي في العشرين من عمرها إلى أثينا وروما، لتدريس العلوم والفلسفات المختلفة. جعلتها أسطورة هيباتيا المخلدة.

تاريخ أسطورة هيباتيا المخلدة

ولما عادت هيباتيا الى مصر من رحلتها الدراسية بدأت تعليم المصريين علومها والتف حولها الكثير من الشباب. وأصبحت بالنسبة لهم رمزا من رموز العلم والحكمة والفضيلة. كانت هيباتيا تتبع المدرسة الأفلاطونية المحدثة الفلسفية القديمة. لذا فكانت تتبع النهج الرياضي لأكاديمية أفلاطون في أثينا. تأثرت هيباتيا بفكر أفلوطين الذي عاش في القرن الثالث الميلادي. الذي كان يفضّل الدراسة المنطقية والرياضياتية بدلاً من المعرفة التجريبية، ويرى أن للقانون أفضلية على الطبيعة. وقد كانت حياة العقل لأتباع أفلوطين الهدف منها الاتحاد مع الصوفية الإلهية.


وقد كان طلابها يكنون لها أشد الإحترام ويتسابقون لإرضائها والتزود من أفكارها وأقوالها. ولعل أبرز أعمالها كانت عبارة عن أعمال مشتركة مع والدها. ثيون الكنسدروس نتيجة إلى ندرة وجود أعمال أنثوية منفردة للنساء في العصور القديمة. ومن مساهماتها الهامة في مجال العلوم: رسمت مواقع للأجرام السماوية. واختراعها مقياس ثقل السائل النوعي (المكثاف) المستخدم في قياس كثافة ولزوجة السوائل. وقال تلميذها سينوسيوس أنها صنعت أيضاً نوع من آلات الإسطرلاب.

أسطورة هيباتيا المخلدة

جاذبية هيباتيا

كانت هيباتيا شديدة الأنوثة والجمال وأحبها الكثير من تلامذتها وحاول الكثير منهم الزواج منها. ولكن كتب التاريخ تذكر أنها لم تتزوج من قبل. وكانت ذات أخلاق عالية ونفس شريفة وعقل لا يشغله إلا العلم والفلسفة وكانت متواضعة ولا تحب الظهور أمام العامة. على الرغم من أنها كانت تقف أمام قضاة وحكام المدينة دون أن تفقد هيبتها. وقد كان حاكم الإسكندرية “أورستوس” في مقدمة من يكنون لها عظيم الاحترام، فذاع صيتها في الإسكندرية والتف المثقفون حولها. وفي نفس الوقت كان هناك خلاف سياسي شديد بين الحاكم “أورستوس” والكنيسة المصرية. وبدأ الأسقف والرهبان المستفيدون من الجهل والفوضى يخشون تأثير هيباتيا وقتها ونفوذها وعلمها.

والتفاف تلاميذة العلم والشباب من المسيحيين حول أفكارها الموصوفة بالكفر في أحكامها. فكان الحل هو التخلص منها لإضعاف الحاكم وضمان سيطرتهم على العقول. فحرضت الكنيسة بعضا من العامة وقاموا بتتبعها. وهي عائدة من إحدى حلقات التدريس بمكتبة الإسكندرية وسحلوها حتى الموت وهي في 45 عاما من عمرها. وبقيت دماؤها في شوارع الإسكندرية شاهدة على مرور امرأة من أبرز نساء العالم. وترك علامة فارقة في التاريخ تدل على مدى ارتعاب مستغلي السياسة والدين لترويض الشعوب من أهل العلم. ومدى خوف الظلام من النور.

وما زالت حتى الان حياة الفيلسوفة السكندرية أولى شهيدات الحكمة والفلسفة في التاريخ مادة مغرية للكتاب والفنانين الذين رأوا في مأساتها تجسيدا لأصحاب الفكر الحقيقي، الذين سقطوا ضحايا للفكر المتعصب الذي لا يؤمن بحق الاختلاف ولا يعرف إلا خطاب العنف، وفي عام 2009 تم تقديم فيلم رائع يحكي عن قصة أسطورة هيباتيا المخلدة بشكل سينمائي رائع، ينصح بمشاهدته فرادا.

المصادر : 1

شارك المقال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

الأفضل هذا الأسبوع